مقابلة لمدير عام التعاونيات مع صحيفة «السهم» حول وضع التعاونيات في لبنان والتحديات التي تواجهها

26/04/2021


تتحدث مدير عام التعاونيات غلوريا أبو زيد لـ «السهم» عن أبرز التحديات والتطلعات للقطاع التعاوني وسط الوضع الصعب الذي يعانيه لبنان، وهدفها تحقيق التنميّة بدلاً من تعزيز النزعة الفردية التي تصل إلى حدّ إلغاء الآخر

ما هي أبرز التحديات التي تواجهها اليوم المديرية العامة للتعاونيات في ظل الوضع الاقتصادي المتردي؟

تحديات كثيرة تواجهها المديرية العامة للتعاونيات وكنا قد تجاوزنا الكثير منها، إلاّ أنّ الأزمة الاقتصادية التي نمّر بها ضاعفت المشاكل والتحديات لا سيّما أنّ الجمعيات التعاونية تدير مشاريع اقتصادية من زراعية وغيرها حيث أنّه على أعضاء الجمعيات التعاونية تمويل هذه المشاريع ومن ثم إدارتها بالشكل الذي يحدث تحسيناً لوضعهم الاقتصادي والاجتماعي، أمّا اليوم وفي ظلّ الأزمة التي نمرّ بها أضحى هؤلاء الأعضاء عاجزون عن تمويل هذه المشاريع ذات الكلفة العالية لا سيّما لجهة شراء المعدات والآلات والمواد الأولية ما يؤثر وسيؤثر حتماً على إنتاجية هذه التعاونيات واستدامة مشاريعها.

ما هي القطاعات المختلفة التي تقوم المديرية بتغطيتها علماً أن الأكثر شهرة بينها قد يكون التعاونيات الزراعية لكنها ليست الوحيدة؟

صحيح أن الجمعيات التعاونية الزراعية هي الأكثر عدداً والأكثر شهرة إلاّ أنّه وبحسب القانون يمكن أن يتناول عمل التعاونيات مختلف الميادين والنشاطات البشرية من زراعية وحرفية وسكنية وبيئية واستهلاكية وتوفير وتسليف إلخ، ونحن اليوم من خلال دورنا في نشر الحركة التعاونية في البلاد نقوم بدورات تدريبية في بعض المناطق اللبنانية بهدف تعريف المواطنين بمفهوم العمل التعاوني وأهميته على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي ومدى شموليته ليغطي النشاطات الاقتصادية على تنوعها.

كيف يتم تمكين المرأة من خلال مشاريع تؤسسون لها وتشرفون عليها؟

باب الانتساب مفتوح أمام كل شخص يرغب بالانتساب إلى أي جمعية تعاونية ولا تفرقة من أي نوع كانت ولا سيّما التفرقة الجندرية حيث يحق لأي مجموعة كانت لا سيّما النسائية منها من تأسيس جمعية تعاونية ونحن بدورنا نشجّع ونساعد على صعيد تثقيف وتدريب هذه المجموعات لكي تقوم بتنفيذ مشاريع اقتصادية تمكنها اقتصادياً واجتماعياً.
ونحن اليوم نقوم بتنفيذ مشاريع ممولة من قبل منظمات دولية وحكومات تستهدف الجمعيات والمجموعات النسائية حصراً وذلك تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة المعلنة من الأمم المتحدة للعام 2030.
فمن خلال هذه المشاريع يتم تطوير قدرات النساء المشاركات من خلال التدريب على كيفية إدارة المشاريع التعاونية ومفهوم العمل التعاوني الصحيح بالإضافة إلى تدريبات تقنية وفنيّة وغيرها تهدف جميعها إلى تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا من خلال تأمين استدامة مشاريع تعاونية صغيرة ومتوسطة الحجم مدّرة للدخل. ويتم أيضًا المساعدة من خلال تمويل هذه المشاريع بهدف تطويرها وتأمينًا لاستمراريتها. وقد أثبتت التجارب أنّ أكثر التعاونيات نشاطًا وفعاليةً هي الجمعيات التعاونية النسائية وقد ثبت الأثر الكبير الذي يحدثه نجاح المشاريع التعاونية التي يديرونها على عائلاتهن ومجتمعهن.

هل خلال هذه الفترة زادت الجمعيات التعاونية أو بات عددها أقل؟

بلغ عدد الجمعيات التعاونية حوالي 1240 جمعية تعاونية موّزعة على كافة المحافظات إلاّ أنّ هذا العدد لم يحدث الأثر الاقتصادي والاجتماعي المنشود فكان لا بدّ من الإبقاء على التعاونيات الأكثر نشاطًا وقدرة على تحقيق التنميّة المحلية والنمو الاقتصادي والقدرة على الاهتمام بمجتمعها، فقمت بإصدار قرارات تقضي بحلّ حوالي 350 تعاونية غير ناشطة بهدف تنقية القطاع التعاوني وحصر الدعم والمساعدة عند توفرها بالتعاونية التي تستحق وهي بحاجة فعليّة للمساعدة على تطوير وتأمين استدامة مشاريعها.
وفي ذات السياق لم تعد تؤسس الجمعيات التعاونية بشكل عشوائي غير مستند إلى المبادئ والأحكام التعاونية المرعية الإجراء وبأعداد كبيرة كما في الماضي حيث كان يطلب من الأشخاص تأسيس تعاونية للحصول على مساعدة مالية فقط ومن دون معرفتهم بمفهوم العمل التعاوني المنتج ما حوّل القطاع إلى قطاع متلقٍ من دون حد أدنى من الانتاجية.
إنّ ما يهمنا اليوم هو ليس العدد بل الفاعليّة حتى ولو وصل عدد التعاونيات إلى حوالي الثلاثماية تعاونية أو أقل المهم أن تكون تعاونيات منتجة تحقق الغاية من تأسيسها وتقوم بدورها الفعاّل على صعيد التنميّة كونها دعامة أساسية للاقتصاد المحليّ وبالتالي الوطني.

كيف تحصل المديرية العامة للتعاونيات على تمويل لمشاريعها؟

المديرية العامة للتعاونيات لا تقوم بتمويل المشاريع التعاونية عند تأسيسها. إنّ من يقوم بتمويل المشاريع هم أعضاء الجمعيات التعاونية أنفسهم أو من خلال دعم مقدم من منظمات دولية مباشرة لهم أمّا دور المديرية العامة للتعاونيات يقتصر على مساعدة الجمعيات التعاونية بعد التأسيس عينياً ونقدياً أو من خلال التدريب والتسويق كلما توفرت الاعتمادات في موازنتها أو من خلال المساعدة في تنفيذ مشاريع مموّلة من الخارج.

ما هي الغاية من صناديق التعاضد وكيف يتم تنظيمها؟

إنّ الغاية من تأسيس صناديق التعاضد هي مساعدة ذوي الدخل المحدود والمتوسط خلال محطات أساسية من حياته يحتاج خلالها للدعم المادي نظرًا لعدم قدرته على تغطيّة بعض النفقات التي تواجهه في مرحلة معيّنة مثلاً في حال الزواج، الولادة، الوفاة ونهاية الخدمة أو للاستحصال على منح تعليمية أو قروض لهذه الغاية بالإضافة إلى الحصول على تعويض عن نتائج الأخطار والأحداث والأمراض التي قد تصيبه أو تصيب عائلته.
ينظم المرسوم الاشتراعي رقم 35/77 كذلك المرسوم التطبيقي رقم 515/77 عمل صناديق التعاضد التي تعتبر جمعيات أشخاص تبنى على الرغبة في التضامن والمساعدة المتبادلة ولا تتوخى الربح بل يكون موضوعها العمل لمصلحة أعضائها أو عائلاتهم حصرًا مقابل دفع اشتراكات لا تشكل عبئًا إضافيًا على عاتق العضو في الصندوق.
تؤسس هذه الصناديق بموجب قرار يصدر عن وزير الزراعة بناءً على اقتراح المدير العام للتعاونيات بعد التأكد من توفر الجدوى الاقتصادية والاجتماعية من التأسيس.

ماذا عن الخطوط المحوريّة لخطة النهوض بالقطاع التعاوني التي تنفذها المديرية العامة للتعاونيات؟

بالإضافة إلى حلّ الجمعيات التعاونية غير الفاعلة ونظرًا لغياب ثقافة التعاون وانطلاقاً من دورنا في نشر الثقافة التعاونية نعمل اليوم بمساعدة منظمة غير حكومية إيطالية على إدخال مفهوم العمل التعاوني في المناهج الدراسية وخلق تعاونيات صورية في المدارس لكي ننشئ جيلاً يحمل الثقافة التعاونية ومدرك لأهمية التعاون لا سيّما في المجتمعات المحليّة في تحقيق التنميّة بدلاً من تعزيز النزعة الفردية التي تصل إلى حدّ إلغاء الآخر.
كل ذلك بالتوازي مع العمل على خلق نماذج تعاونية ناجحة تشكل مثالا يحتذى في العمل التعاوني الفاعل والمنطبق على المبادئ والقوانين التعاونية المرعية الإجراء.


المصدر: مدير عام التعاونيات غلوريا أبو زيد لـ «السهم»: أصدرت قرارات بحلّ 350 تعاونية غير ناشطة بهدف تنقية القطاع التعاوني